جرت العادة لدي منذ كتابي الأول " مشروعي مع الرئيس" تبنيَّ مسارٍ استراتيجيٍ بالتحرر من ثلاثة عناصر: الزمان، والمكان، ومن البشر وأطرهم الضيقة وتصنيفات الآخرين لهم إلى رحابة فكرهم كمنتوج بشري يصلح وضعُه على ميزان الحقائق الكونية التي رسمها الخالق بحكمته وعدالته المطلقة. وعليه لا ضير لديَّ في تلقف الحكمة أينما وجدت وفي أي إطار ضيق وضِعَتْ لطالما وضعتُ معانيها ضمن سياقها القدري الإلهي. في فصول كتاب "أنا والمجتمع والتغيير" سنجد شذراتنا الفلسفية الخاصة بنا كمسلمين نحمل التكليف الإلهي حول الإنسان والمجتمع والنخبة والفساد وعناصر التغيير التي نحتاجها حتى نعيد إحياء المنهج الرباني كما أراده الله وارتضاه.
يُعَدُّ كتاب شذرات فلسفية، أو شذرة فلسفة، الذي صدر عام 1844، بقلم يوهانس كليماكوس (وهو اسم مستعار) واحداً من الأعمال الفكرية المهمة التي تناول فيها الفيلسوف الدنماركي سورن كيركيغارد Søren Aabye Kierkegaard (5 مايو 1813م - 11 نوفمبر 1855م) سؤالاً جوهرياً شغل بال العديد من الفلاسفة واللاهوتيين على مدى العصور: عن ماهية العلاقة بين التاريخي والماورائي بين الإنساني والإلهي بين المسيح كحقيقة مطلقة لا نهائية وبين كونه إنساناً محدداً بالشروط الزمنية وبنشاطه الوجودي وبين العقلانية واللامعقول , وإذا كانت هناك حقاً علاقة بينهما والتي تبدو مفارقة, فهل يمكن للإنسان أن يفهمها بواسطة العقل المحض أم أنه بحاجة إلى سلطة أعلى منه تعينه على بلوغ تلك المعرفة.
من أبرز ما كتب كيركيغارد: "يريد العلمُ والبحثُ الدراسي تعليمنا أنّ الموضوعية هي الطريق بينما تعلّم المسيحية أن الطريق الصحيح هو أن تكون ذاتيًا، أن تصبح فاعلًا." بينما يمكن للعلماء أن يتعلموا عن العالم من خلال الملاحظة، نفى كيركيغارد بشكل قاطع أن يكون للملاحظة قدرة على اكتشاف الأعمال الداخلية لعالم الروح. بحلول منتصف القرن العشرين مارس فكره تأثيراً كبيراً على الفلسفة، واللاهوت، والثقافة الغربية.
المقطع التالي العائد إلى 1 أغسطس عام 1835 ربما يكون من أكثر أقواله استخداماً:
"ما أحتاجه حقاً هو أن أكون واضحاً بشأن ما يجب أن أفعله، وليس ما يجب أن أعرفه، إلا فيما يتعلق بالمعرفة التي تسبق كلَّ فعل. ما يهم هو إيجاد غاية، لمعرفة ما الذي يريد مني الله حقاً أن أفعله؛ الشيء المهم هو العثور على الحقيقة التي هي حقيقة بالنسبة لي، لإيجاد الفكرة التي أنا على استعداد للعيش والموت من أجلها".
ربما نحتاج إلى مقاربات خاصة بنا نحن حملةَ التكليف الإلهي وبين أيدينا أعظم بوصلتين في تاريخ البشرية "القرآن والسنة “، ربما إذا أسقطنا أسئلة كيركيغارد إلى حاضرنا، نتج لدينا بعضٌ من عناصر التغيير الضروري لحاضرنا ومستقبلنا.
القضايا التي تناقش كيف يعيش المرء في حياته اليومية، مع إعطاء الأولوية للواقع الإنساني الملموس على التفكير المجرد وإبراز أهمية الاختيار الشخصي والالتزام بقضية وغاية في هذه الحياة، ربما تكون في صلب ديننا الحنيف ومهمة الاستخلاف في أيامنا المعدودة على هذا الكوكب. كتاب "أنا والمجتمع والتغيير" يتناول تلك القضايا ربما بقوالب جديدة لم نعتد عليها، فأرجو من الله أن يكون سبباً في هداية البشرية في عصر الماديات وضياع البوصلة والأخلاق. قال تعالى في سورة النساء الآية 131: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾، للتقوى تعاريف كثيرة ربما يصلح أن نضعها في هذا الكتاب ضمن تعريف التجرد للحقيقة المطلقة ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 282].
التقييم والتعليقات
لا يوجد هناك تعليقات ...