نقف في هذه الأيام في حيرةٍ عاجزين مكبلين بين واقعٍ مؤلم ومليءٍ بالتناقضات وبين تاريخٍ نُشكك في رواياته التي ترسم الصورَ الورديةَ المشرقةَ لأشياءَ بدأ الشك يتسلل منها في نفوسنا، وهنا وجب أن نتلمس طريقاً للمستقبل بتحدياته وفرصه لتغيير واقعنا واستعادة تاريخنا الحقيقي حلوِه ومره.
كتاب "نحن والمستقبل" تأطيرٌ نظريّ لتحديات وفرص المستقبل متسلحين عبر صفحاتِهِ بالعلم وإخلاص النية لله ﷻ والتي بدونها يضيع الهدف وتنعدم الوسيلة. الكتاب سيتناول مختلفَ نواحي الحياة الدنيا ويحاول-في جرأة- ربطها بمهمتنا الأساسية على كوكب الأرض "مهمة الاستخلاف " كما أمر الله ﷻ ووجهنا من خلال منظومةٍ متكاملةٍ للجسد والروح ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة:3].
نأمل أن يكون هذا الكتاب جامعاً بالتحليل والبحث لفهم نواحٍ كثيرة مما سنواجه في المستقبل القريب، ما يجعلنا حكماً متسلحين بثقة أكبر للإمساك بمفاتيح التغيير والعودة لدورنا الحضاري بتوجيه البشرية والدعوة إلى إعمار هذا الكون كما أراد الله لمصلحة البشرية جمعاء.
المستقبل بالتأكيد لا يعلمُهُ إلا الله ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: 59]، لكن من يصنع التغيير هو الاستشراف الدقيق للمتغيرات التي تطرأ على محركات الحياة والثروة ودوافع البشر وقيمها.
إنّ البشرية في حالة تغيُّرٍ مستمر ومَنْ يدفنْ نفسَهُ في التاريخ فلن يكون له دورٌ في المستقبل لقيادة البشرية نحو المنهج الرباني الذي سينجي البشرية جمعاء.
إنّ السعادة في الدنيا والأخرة لا تتحقق إلا عندما تشعر بدورك وبدور من حولك، وهذا لا يتأتى ذلك إلا باستشراف الطريق بفرصِهِ وتحدياته التي لن يملكها حكماً إلا رجلٌ صاحبُ بصيرةٍ ورؤية ورسالة. فالأعمى لا يقود مبصرا بل العكس هو الصحيح.
الدين يحثنا على النظر إلى الأمام والنبي ﷺ اجتهد في إخبارنا عن المستقبل لنغتنم فرصه ونتجنب المطبات والفتن، فما أحوجنا للتفكرِّ بالمستقبل لزراعة الأمل وإشباعه تحليلاً وبحثاً علمياً جاداً وتخطيطاً وجرأة وإقداماً في التنفيذ وتغليف كلِّ هذا بالإخلاص لله والتقوى التي تفضي إلى التجرد إلى الحقيقة المطلقة حلوها ومرها سواء أعجبتنا أم لم تعجبنا.
في كتابنا سبعةُ فصولٍ نتناول بها تفاعل الفكر، الاستراتيجيات، الصراعات، المجتمعات، الاقتصاد، الدين، الإنسان والدولة في المستقبل فأرجو للقارئين المتعة والفائدة.
التقييم والتعليقات
لا يوجد هناك تعليقات ...